هدى السراري: ما كان متعارفا عليه في ليبيا لا يمكن تسميته بالإعلام
تكشف الإعلامية الليبية هدى السراري في حديث لـ”العرب” واقع الإعلام في ليبيا خلال السنوات الأخيرة، ونقاط الضعف والقوة لوسائل الإعلام المحلية، وتحاول عبر تأسيسها وإدارتها لقناتي "TV 218 وNEWS 218" نقل الجانب الإيجابي عن ليبيا والتطور الذي طرأ عليها.
تعتبر الإعلامية الليبية هدى السراري أن الإعلام يكاد يكون تجربة جديدة تماما في ليبيا، وما كان متعارفا عليه سابقا لا يمكن تسميته صراحة بالإعلام، إعلام الصوت الواحد، الإعلام الحكومي الخالي من الرؤى والتعددية والتنافس. لذلك فإن التجربة أبرز ما ينقص الإعلامي الليبي.
وتضيف السراري في حديث لـ”العرب”، أن “القلة فقط من الإعلاميين الليبيين من أتيحت لهم فرصة التغريد خارج تلك المنظومة، لذلك فإن الغالبية من الإعلاميين الليبيين بمن فيهم السراري نفسها، تنقصهم التجربة، التجربة بكل ما فيها من تدريب وتأهيل وحتى عثرات”.
وهدى السراري المؤسسة والمدير العام لقناتي “TV 218 وNEWS 218″، و”قناة 218” ترفيهية عامة وتؤكد أنها ليبية التوجه والهوية تهتم بالخبر السياسي وتحليلاته دون إغفال الجانب الترفيهي وموجهة إلى كافة الشرائح.
كما تركز القناة على إشاعة ثقافة الحوار، والاطلاع على الثقافات واحترام الآخر، والبحث عن المشترك الإنساني فلا تفرقة بين الجنسين ولا تمييز لأسباب دينية أو قبلية أو جهوية أو عرقية، وتسعى إلى إبراز أصوات شابة جديدة سواء في الحقل المهني التلفزيوني أو على صعيد الضيوف المشاركين في برامجها المختلفة.
هدى السراري: مواكبة تسارع الأحداث الليبية خطوة بخطوة تكاد تكون بالمهمة المستحيلة، نظرا لتعددها وتلاحقها ولحقول الفخاخ الكثيرة داخلها
وبدأت السراري مسيرتها في القناة بشكل مختلف عن السائد، بمحاولة عرض الجانب الإيجابي من الحياة الليبية. وتوضح أنها تقصد بالمختلف عمّا سبق، تجربتها السابقة في قناة ليبيا الأحرار، حيث كانت تجربة استثنائية في ظرف خاص، وليست نموذجا لوسيلة إعلام دائمة.
وترى الإعلامية أن المفترض بالقنوات بصفة عامة أنها وسائل ترفيهية إخبارية، وهو ما كان أملنا في العودة إليه بعد تجربة ليبيا الأحرار، العودة للنمط المفترض والمتعارف عليه للقنوات الترفيهية، حيث ينصب تركيزنا الأكبر على البرامج الترفيهية والنوعية، وتأخذ منها الأخبار مساحتها الطبيعية كما هو معمول به أو متعارف عليه في سائر القنوات العربية من هذا النوع، إضافة إلى كونها قناة فضائية يشاهدها المشاهد الليبي وغير الليبي.
وتتابع “ينصب جل اهتمامها على الشأن الليبي، وجل متابعيها أيضا، بالضرورة، من الليبيين، لكننا كنا ومازلنا نأمل، إن حدث ولاحظها المشاهد غير الليبي، أن يرى فيها ليبيا الجميلة التي نحب، ليبيا التي نأمل ونتطلع إليها، والتي ظلت لعقود طويلة صندوقا من الألغاز بالنسبة له. لهذا كنا سعيدين أن مجلة أريبيان بيزنس لاحظت ذلك الاختلاف وأنصفتنا”.
وتم اختيار السراري من قبل مجلة “أريبيان بيزنس” المتخصصة في عالم الأعمال كواحدة من أهم 30 شخصية نسائية الأكثر تأثيرا في العالم العربي.
وحول ما إذا كان هذا الاختيار إضافة لمسيرتها المهنية، تقول “مثل هذا النوع من الاختيارات أو التقييمات هو تقدير للعمل الذي تقوم به أكثر من كونه تقديرا لشخصك، نعم قد يقوم بتسليط مزيد من الضوء على شخصك إضافة إلى عملك أو مسيرتك، الأمر الذي يجعلك قد تبدو للآخرين شخصا ملهما، أو أن نجاح تجربتك نموذجا يُسعى لمجاراته، لهذا فإن انعكاس ذلك التقدير أو الاختيار يجب أن يكون مزيدا من الإحساس بالمسؤولية تجاه ما تقوم به واتجاه الآخرين”.
ويشكل تسارع الأحداث في ليبيا وكثافتها تحديا لوسائل الإعلام، وتقول السراري “ليبيا منذ حوالي عشر سنوات تكاد لا تخلو دقيقة فيها من حدث ما، أحداث محلية متعددة ومتنوعة ومتسارعة ترافقت غالبا مع أحداث عالمية وإقليمية إما ألقت بظلالها على الواقع الليبي أو تقاطعت معه، إضافة إلى ما قد تتعرض له تلك الأحداث من تشويه أو تضليل، أو ربما يكون بالأساس تضليلا متعمدا لخلق حدث منه، وهو ما يتطلب دائما التحقق والتدقيق في كل حدث (مصادره وأبعاده) قبل تناوله، وفي بعض الأحيان يكون ذلك التدقيق والتحقق سببا في عدم مواكبة الحدث في حينه”.
وتعترف أن مواكبة تسارع الأحداث الليبية خطوة بخطوة، تكاد تكون بالمهمة المستحيلة، نظرا لتعددها وتلاحقها ولحقول الفخاخ الكثيرة المنصوبة في داخلها.
وأطلقت “قناة 218 نيوز” لعدم مقدرة المساحة الإخبارية المخصصة في 218TV على ملاحقة الأحداث المتسارعة في ليبيا وتغطيتها في وقتها، وأيضا حرصا على عدم تغيير نهج قناة 218 TV كقناة ترفيهية متنوعة.
وتؤكد السراري “أن القناة الإخبارية ليست مشروعا بديلا عن وسائل إعلامية أخرى، لكن الليبيين كسائر الشعوب هم الأكثر إدراكا لواقعهم، ولعل هذا الامتياز مع تطورنا مهنيا ما جعلنا مصدرا للكثير من الأخبار والأحداث عن الشأن الليبي، ليس على الصعيد العربي فقط، بل حتى عالميا”.
وتتمنى السراري أن يأتي اليوم الذي تتخلص فيه من الحاجة للأخبار وتتجه للترفيه فقط، لكن “كما نعلم إن الإعلام هو مرآة الواقع، والواقع العربي ليس مرفها على الإطلاق”.
وتعتبر أن كل ما يتفاعل مع الحدث ويشكل مكوناته بشكل رئيسي هو العنصر البشري، ويمكن أن يكون مصدرا للخبر في فيسبوك أو حتى بقية وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، وكلها من ضمن المصادر المحتملة للخبر، وإلا لما رأينا صفحات رسمية موثقة لحكومات ولرؤساء أكبر دول العالم على صفحاتها.
وتلفت إلى أن استقلالية التمويل أحد العوامل المهمة التي تجعل الخطاب الإعلامي للقنوات الخاصة مختلفا ومؤثرا عن الإعلام الرسمي، لكنه ليس العامل أو السبب الوحيد، بل يجب أن يترافق ذلك مع عدة عوامل أخرى مثل (التأهيل الجيد والإبداع)، ليكون مختلفا ومؤثرا.
وتعتقد أن المشاهد الليبي قد تطورت تجربته في تناول الوسائل الإعلامية المحلية المختلفة، مثلما تطورت تجربة تلك الوسائل مع الوقت، وصار يدرك اتجاهاته ويحددها جيدا. لذلك القنوات سواء أكانت ليبية أو غير ليبية هي وسائل إعلامية، بغض النظر عن مدى احترافيتها، والوسائل الإعلامية أحد عوامل التأثير المهمة والتي قد تساهم في تشكيل الوعي أو تضليل الوعي تجاه حدث أو قضية ما.
وتشير إلى أنه “لا شك أن القنوات الليبية هي إحدى أدوات الصراع، وهي انعكاس له أيضا، لكن الأزمة الليبية حاليا صارت أكثر تعقيدا وعمقا، وعوامل التأثير فيها ربما خرجت حتى من أيدي الليبيين أنفسهم، وليس مجرد وسائلهم الإعلامية”.
ورفضت ما جاء في تقرير “إعلام زلحة لتغذية النزاع في ليبيا” الذي أعده المركز الليبي لحرية الصحافة يتهم فيه القنوات الفضائية الليبية بتأجيج الرأي العام وأن هذه القنوات أصبحت ساحة لتصفية الخلاف، معللة أن المركز الليبي لحرية الصحافة لا يخلو من العلة وما كلمة (زلحة) إلا دليل.
ولا ترى أن مواجهة الصعوبات في مجال العمل الإعلامي تختلف بين المرأة والرجل، قائلة “الصعوبات هي ذاتها، خاصة أنني قد قمت بتأسيس القناة في الأردن وهي دولة تحظى المرأة فيها بالحقوق والتقدير وتتبوأ الكثير من المواقع المتقدمة، أي أن بيئة العمل كانت عاملا مساعدا لعمل المرأة، وهذا أهم التحديات التي قد تواجه أي امرأة للقيام بعمل ما”.
وترى أن هناك صورتين لواقع المرأة الليبية، صورة المجتمع الذكوري الكلاسيكي الذي يقوده تحالف بين رجال الدين المتخلفين والسلطات الدكتاتورية على مر القرون الماضية ولكن في الستين عاما الأخيرة هناك حضور من نوع مختلف للمرأة غير مرئي، الآلاف من البيوت الليبية تديرها نساء بشكل مباشر اقتصاديا. وهذا سيمنحهن في المستقبل حقوق أخرى غير ظاهرة الآن، فالصورة ليست سوداوية لهذه الدرجة.
وتتابع ”من جهة مازلنا نحتكم لنفس قوانين القرون الوسطى، ومن جهة أخرى هناك طفرة كبيرة لمشاركة المرأة الاقتصادية في البلد وهذا سيمنحها نوعا كبيرا من الاستقلال في المستقبل كما حدث في المجتمعات الأخرى. وهذا يتم أيضا بفضل تفهم ودعم العديد من الرجال”.
وتكتب السراري الشعر ولكنها في زحمة الانشغال هجرها لبعض الوقت كنوع من المعاتبة.
المصدر : https://alarab.co.uk/%D9%87%D8%AF%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D9%8A-%D9%85%D8%A7-%D9%83%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%81%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D9%85%D9%83%D9%86-%D8%AA%D8%B3%D9%85%D9%8A%D8%AA%D9%87-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85